This site is dedicated to promote Islam and foster Muslim solidarity. Our goal is to provide news from around the world and help Muslims make the transition from being individual minded to community minded as Islam as an ideology that provides solutions for all human problems and all human relationships. It is our belief that Islam must be understood ideologically that deals with individual and societal problems. At the forefront of the call of Islam (Da’wah) today is the case of presenting Islam as a challenge to the current chaos, inequality, despotism and international disorder – all a consequence of Western liberalism (Capitalism). We write to inform, inspire and create a movement for true intellectual revival. We ask Allah (swt) to accept our efforts and mark it as part of the contribution towards re-establishment of His (swt) deen.

Wednesday 25 January 2012

المقاصد المعنوية للزكاة

الأُستاذ الدكتور
عصام عبد الهادى أبو النصر
أستاذ ورئيس قسم المحاسبة والمراجعة
كلية التجارة – جامعة الأزهر
يقول الحق تبارك وتعالى:
"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (التوبة :102).
ويقول الرسول r :
- "إن الصدقة لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء" رواه الترمذى.
- "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وذكر منهم: " وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ" رواه البخارى.
- "من نَفَّسَ عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نَفَّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والأخرة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، رواه ابن ماجة والترمذى.
المقاصد المعنوية للزكاة
تمهيد
تُمثل الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، وهى واجبة بنص كتاب الله عز وجل وسنة رسوله وإجماع الأمة سلفاً وخلفاً، وقد جاء الأمر بها فى القرآن الكريم مقروناً بالصلاة فى العديد من الآيات القرآنية الكريمة.
وقد شُرعت الزكاة بغرض تحقيق العديد من المقاصد المعنوية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية للفرد والمجتمع المسلم.
وقد سبق أن تناولنا فى كتابنا الإطار الفقهى والمحاسبى للزكاة الجوانب التطبيقية المعاصرة لحساب الزكاة من حيث الوعاء والنصاب والسعر والشروط الواجب توافرها فى المال الخاضع للزكاة، وكذا الإجراءات والأدوات والمصارف ونحو ذلك، وتختص هذه الورقة بتناول المقاصد المعنوية للزكاة، فللزكاة مقاصدها المعنوية والمادية سواء أكان ذلك على مستوى الفرد – مُزكياً كان أو مستحقاً - أو على مستوى المجتمع.
ولعل السبب فى التركيز على المقاصد المعنوية أو الروحية للزكاة هو أن صلاح القلب أساس صلاح الجسد، فالصحة القلبية تُعد شرطاً للصحة الجسدية وإذا شقت النفس شقى معها البدن، كما أن أمراض الأبدان تنتهى بالموت أما أمراض القلوب فإن أثرها يبقى مع الفرد لما بعد الموت:" يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ، إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ". (الشعراء: 88،89)، كما أن الأمراض القلبية قد يكون لها آثاراً أبعد مدى وأكثر خطورة من الأمراض البدنية على الأفراد وهم لبنات المجتمع، وسلامة المجتمع فى سلامة لبناته.
وسوف نتناول هذه الآثار بالنسبة للمزكين وكذا بالنسبة لمستحقى الزكاة، يلى ذلك بعض الوصايا للمزكين حتى تحقق الزكاة مقاصدها وآثارها، والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
أولاً: بالنسبة للمزكين
للزكاة العديد من المقاصد المعنوية بالنسبة للمزكين، ولعل أهم هذه المقاصد ما يلى:
( 1 ) تخليص المزكى من آفة الشح وحب المال
يُعتبر الشح من الأمراض الخطيرة التي قد تصيب الفرد وتؤدي إلى هلاكه، ولذا فقد حثنا القرآن الكريم على التخلص منه، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: " وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" (الحشر: 9)، كما حذرنا من البخل بقوله عز وجل: "وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ ( محمد : 38).
وقد أكد رسول الله على هذا التحذير بقوله:" إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا" رواه أبو داود، فالشح يؤدي إلى البخل والقطيعة والفجور، ويدفع الفرد لبيع دينه وعرضه وبلده.
والإسلام يرفض أن يتعامل المسلم مع المال وكأنه هدفاً له فى حياته من خلال اكتنازه، بل يجب اتخاذه وسيلة لتحقيق رضا الله عز وجل من خلال إنفاقه فيما أمر الله به، وفى ذلك يقول الرسولr :"َ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ"، رواه البخارى.
و يقول على بن أبى طالب : "قوام الدنيا لأربع :"عالم يستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وغنى لا يبخل بماله، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه".
وللزكاة دور هام في شفاء الفرد من هذا المرض الخطير، فهي تطهره من البخل والحرص والشح بإخراج الزكاة، وعلى قدر حرص الفرد على إخراج الزكاة يكون شفاؤه من هذا المرض، بل إن الزكاة تنتقل بالمزكى إلى ما هو أبعد من ذلك، فهى تُعوده على الإنفاق والبذل والتضحية والعطاء ومن هنا كانت الحكمة من وجوب زكاة الفطر على كل من ملك قوت يومه، وكانت الحكمة أيضاً من إخراج الزكاة مرة كل عام، بل وجواز إخراجها مُقسطاً.
( 2 ) انشرح صدر المزكى
فالزكاة أحد أسباب انشراح الصدر وراحة البال والشعور بالسعادة والاستقرار النفسى ولعل السبب في ذلك يرجع إلى شعور المزكى بطاعة الله عز وجل وانتصاره على نفسه والتي تميل – بطبيعتها - إلى حب التملك وزيادة المال "وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّا" ( الفجر:20 ) كما قد يرجع السبب في ذلك إلى إسعاد المزكى لمستحقى الزكاة وإدخال السرور عليهم فالفرد السوى يسعد بإسعاد غيره.
كما أن الإنسان مخلوق أصلاً على حب عمل الخير، وإخراج الزكاة من أعمال الخير، "فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا " (الروم:30) وهو لن يشعر بالراحة والطمأنينة الا إذا أخرج الزكاة فهو بعدم دفعه الزكاة يحرم نفسه من الراحة ومن الطمأنينة ومن إنشراح الصدر.
وقد اثبتت الدراسات الحديثة أن السعادة تقوى جهاز المناعة ومن ثم تحمى الفرد من الإصابة ببعض الأمراض ولا سيما أمراض القلب وتصلب الشرايين والضغظ وتشنجات القولون.
( 3 ) تعويد المزكي على الصدق
لهذا أمرنا القرآن الكريم بالصدق فى الأقوال وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" ( التوبة:119)، وللزكاة دورها فى تعويد الفرد على الصدق، بل إن الزكاة قد تسمى بالصدقة وفى هذا دلالة على صدق المزكى فى عبادته وبرهان على طاعته لله عز وجل ومطابقة فعله لقوله وعدم مخالفته له من خلال إخراج جزء من المال الذى تعب فى جمعه، وفى ذلك يقول الرسول r: "وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ " رواه مسلم.
( 4 ) تعويد المزكى على شكر النعمة
لكل نعمة شكر، واذا أنعم الله على فرد برجاحة عقل أو مال أو زوجة صالحة أو أولاد أو منصب أو قوة فى بدنه أو غير ذلك وأراد أن يحافظ على هذه النعمه فإن عليه أن يلتزم بالقانون القرآنى فى هذا الصدد، وهذا القانون نجده فى قوله تعالى، " لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ " (إبراهيم: 7 ).
وعلى ذلك، إذا أراد الفرد منا المحافظة على نعمة المال، فعليه بشكر الله على هذه النعمة، والشكر يكون من جنس النعمة، كما يكون بالعمل لا باللسان فقط، فالحق سبحانه وتعالى يقول:" اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ") سبأ:13). والعمل هنا يكون بإخراج الزكاة.
ففى شكر الله ضمان للمحافظة على النعمة بل وضمان لزيادتها وعدم تحولها فالشكر حصن للنعمة، وهو دليل على استقامة المقاييس البشرية.


(5) دفع الخوف والحزن عن المزكى
فالزكاة أحد أسباب دفع الخوف والحزن عن المسلم، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "(البقرة:262)، كما يقول عز وجل:"الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ" ( البقرة274:)، فالذى يدفع الزكاة لا خوف عليه فى الدنيا ولا فى الآخرة. لا خوف عليهم فى المستقبل ولا هم يحزنون على الماضى، فهم فى أمان، وهم فى اطمئنان.
(6) علاج بعض الأمراض التى قد تُصيب المزكى
فالزكاة تحفظ البدن وتدفع عن صاحبها الأمراض، ففي الحديث الشريف يقول الرسول :r"داووا مرضاكم بالصدقة " سنن البيهقى. ويُفهم من الحديث الشريف أن في الزكاة علاج للأمراض بنوعيها البدني والنفسي، بل أن التداوى بالصدقة قد يكون أكثر فاعلية من التداوى بالعقاقير الطبية فى بعض الأمراض التى قد تصيب المزكى.
(7) زيادة ومضاعفة الأجر والثواب للمزكى
فأجر الزكاة والصدقه عند المولى سبحانه وتعالى يكون أضعافاً مضاعفة، وفى ذلك يقول عز وجل: " مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (البقرة: :261،262)، فمضاعفة الأجر هنا بلا حساب وبلا حدود وحسب إخلاص المزكى أو المتصدق. كما يقول عز وجل: " وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ" (الروم: 39). كما يقول سبحانه وتعالى: "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" )البقرة:245).
وفي الحديث الشريف يقول الرسول r: "من تصدق بعدل تمرة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل" رواه البخارى.
وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِيُّ r:َ مَا بَقِيَ مِنْهَا؟" قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَr :" بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا"، رواه الترمذى.
وهناك نماء آخر حقيقى من خلال دفع الفرد إلى تنمية واستثمار أمواله حتى تخرج الزكاة من الربح لا من رأس المال وحتى لا يتآكل رأسماله تدريجياً بفعل الزكاة والتضخم.
(8) حفظ وتحصين مال المزكى
فالزكاة تحفظ للمزكي ماله من الخسارة وتحصنه من التلف، فهي بمثابة الحارس على المال، ففي الحديث الشريف يقول رسول الله r: "حصنوا أموالكم بالزكاة " سنن البيهقى. بل أن الرسول r يُحذر أصحاب الأموال من عدم المبادرة إلى إخراج الزكاة بقوله " :r ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته" سنن البيهقى.
(9) طهارة مال المزكى
فالزكاة تُطهر مال المُزكى بتخليصه من حق الغير، وحق الغير هنا يتمثل في الزكاة، فالزكاة حق للفقير ولغيره من مستحقى الزكاة ومال الغني لا يطهر إلا بتخليصه من حقوق الغير ومنها حق مستحقي الزكاة، كما أن كسب المال قد لا يخلو من الهفوات والمخالفات فتكون الصدقة تطهيراً له من ذلك، وفى ذلك يقول الرسول r:"يا معشر التجار إن البيع يحضره الحلف واللغو فشوبوه بالصدقة" رواه ابن ماجه.
(10) استجلاب البركة للمزكى
فالزكاة تجلب البركة فى مال المزكى، ففي القرآن الكريم " قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" (سبأ: 39) فالإنفاق لا ينقص المال كما قد يتوهم البعض بل يزيده. "كما يقول الله عز وجل: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " (إبراهيم: 7).
وفي الحديث القدسى: "يابن آدم إنفق أنفق عليك".
وما من مسلم يحرص على إخراج الزكاة إلا وتحل البركة في ماله وتتيسر له أسباب الرزق، وقد تتمثل هذه البركة فى الدخول فى تجارات رابحة أو فى زيادة معدل دوران سلعته أو نحو ذلك، كما قد تكون البركة فى الوقت وفى الزوجة وفى الأولاد وفى الصحة وفى التوفيق فى العمل، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى: " فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى" (الليل: 5:7)، فعلى كل من أراد البركة والتيسير أن يتق الله وأن يُعطى من ماله ووقته وجهده وعلمه وخبرته ومنصبه، وهذه قاعدة.
(11) جلب محبة ومودة مستحقى الزكاة
من المسلم به أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها والميل إليه وبغض من أساء إليها، ففي الأثر: "جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها"، والفرد لن يستميل القلوب إلا بالإحسان فبالإحسان تتغير الغايات وتتبدل العقائد.
ومن صور هذا الإحسان ما يأخذه مستحقي الزكاة من أموال الأغنياء، حيث تترك هذه الأموال الأثر الطيب في نفوسهم تجاه المزكي، بل وتدفعهم دفعاً إلى مودته والدعاء له، وستر عيوبه وزلاته والتجاوز عن هفواته. وفى ذلك يقول الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان


(12) محو الخطايا والذنوب التى قد يقع فيها المزكى
فالزكاة أحد أسباب محو الخطايا وتكفير الذنوب والتجاوز عنها، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:" إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" (هود: 114)، والحسنة هى كل فعل خير، والصدقة من أعظم الحسنات والخيرات.
ويؤكد على ذلك الرسول r بقوله" "وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا " رواه الترمذى. وكذا بقولهr :" والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفئ الماء النار "، مسند أبو يعلى.
(13) الزكاة تدفع غضب الرب عن المزكى
فالزكاة تدفع عن العبد غضب الرب، ففى الحديث الشريف: يقول رسول الله r: "إن الصدقة لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء". رواه الترمذى، كما يقول r: "الصدقة في السر تطفئ غضب الرب" مستدرك الحاكم.
(14) ضمان دخول المزكى فى معية الله
فالمزكى فى معية دائمة لله عز وجل، حيث يقول الحق تبارك: " وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوَهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُم وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ" (المائدة: 12)، من كان الله معه ضمن السكينة، وضمن الحفظ والتأييد من الله، وضمن السعادة فى الدنيا والآخرة، من كان الله معه فلن يضره شى، من كان الله معه فمن عليه؟ من كان الله معه فلن يصل اليه أحد؟ من كان الله معه فكل من كان ضده هباء ولا وجود له ولا أثر، ولكن هذه المعية لها ثمن، لها أسباب من بينها إيتاء الزكاة.
(15) جلب رحمة الله عز وجل للمزكى
فالزكاة أحد أسباب نيل رحمة الله عز وجل ورضاه، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:"وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ" (الأعراف: 156).
(16) وقاية المزكى من ميتة السوء
ففى الحديث الشريف يقول الرسول r : "المعروف إلى الناس يقي صاحبه مصارع السوء والآفات والمهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة" مستدرك الحاكم. كما يقول r: "إن الصدقة لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء" رواه الترمذى. ففى الزكاة ضمان لحسن الخاتمة. فشتان بين من يموت فى المسجد وبين من يموت فى ملهى ليلى أو فى المرحاض، بين من يموت وهو ساجد وبين من يموت وهو على معصية, بين من يموت على فِراشه و بين من يموت وتلقى جثته فى الشارع ساعات وساعات، بين من يموت وهو يتلو القرآن وبين من يموت وهو يتصفح مواقع ما على شبكة الانترنت، بين من يموت وهو فى الطريق لزيارة مريض وبين من يموت وهو فى الطريق إلى معصية ما, بين من يموت وهو فى مجلس علم وبين من يموت في مجلس غيبة ونميمة. والرسول r يقول: " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فَقِيلَ كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْت " (رواه الترمذى).
(17) حفظ المزكى من أهوال يوم القيامة
فالفرد في ظل صدقته يوم القيامة ففي الحديث الشريف يقول الرسول r:" كل امرئ في ظل صدقته حتى يُقضى بين الناس"، رواه ابن حبان.
(18) الاستظلال بظل الله يوم القيامة
فالصدقة تظل صاحبها عند دنو الشمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة، وهو يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ففى الحديث الشريف "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وذكر منهم: " وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ" رواه البخارى. كما يقول الرسول r : "من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والأخرة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". رواه ابن ماجة والترمذى.
(19) وقاية المزكى من النار
وأساس ذلك قوله تعالى:" فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى، لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى ، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى "( الليل:14 – 18 )، وفي الحديث الشريف يقول الرسول r:"من استطاع أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل"، رواه ابن حبان.
ويلزم الاشارة إلى أن في الزكاة تعويد للفرد على طاعة الله عز وجل والامتثال لأوامره، فالعبادات - ومنها الزكاة – هدفها الأساسى هو الانقياد والخضوع لله عز وجل والامتثال لأوامره فهى مطلوبة لذاتها وغاية فى نفسها. وليست مجرد وسيلة أو أداة لتحقيق أحد أو بعض الأهداف السابقة، والفرد عندما يؤدي الزكاة يجمع بين الفوز بثواب طاعة الله والفوز بالمنافع الأخرى التى قد تكون دنيوية كما قد تكون أخروية، وبمعنى آخر فإن هذه الفوائد ثمرة الإنقياد والطاعة والعبادة. وهذا من فضل الله عز وجل على عباده.


ثانياً: بالنسبة لمستحقي الزكاة
لا تقتصر المقاصد المعنوية للزكاة على المزكين وإنما تتعدى ذلك إلى مستحقيها، ويتضح ذلك مما يلى:
(1) رفع الحرج عن الفقراء والمساكين
ويتضح ذلك من خلال اعتبار الزكاة حق للفقراء والمساكين، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:" وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ "( المعارج: 24،25)، وكذا قوله تعالى: "وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الانعام: 141). وأيضا قوله: "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً " (الاسراء: 26). فالزكاة ليست منة ولا تطوع ولا إحسان من الغنى للفقير، وإنما هى حق له. ومما يؤكد حرص الإسلام على رفع الحرج عن مستحقى الزكاة هو ما ذهب الفقهاء إليه من إعتبار الزكاة "تمليك لمستحقيها".
(2) تخليص الفقير من آفة الحسد والحقد
فالحسد أحد الأمراض الخطيرة التي قد تصيب الفرد فيتمنى معه الحاسد زوال النعمة من الغني، وقد يتعدى الأمر حد الحسد إلى الحقد بالعمل على إزالة النعمة من الغنى، فالحقد يحول الشعور إلى سلوك.
والفقير إذا استشعر أن له نصيب وحق في مال الغني وأنه لن يبخل عليه بهذا الحق فإنه لن يتمنى زوال تلك النعمة عنه بل يتمنى دوامها و زيادتها لأن فى ذلك زيادة لحقه، أما إذا شعر بأن مال الغني يزداد وأنه في المقابل يزداد فقراً وحاجة فإن الحسد سوف يجد طريقه إلى قلبه، ومن هنا كانت الحكمة من عدم اشتراط الحول في زكاة الزروع والثمار وإيجاب الزكاة يوم الحصاد، وما ذلك إلا لتعلق أعين الفقراء بالمال، وقد حرص الإسلام على تخليص نفوس أفراده من هذا الداء الخطير الذي لا يجتمع مع الإيمان في قلب واحد، ولذا فقد حذر رسول الله r من الحسد والبغضاء في قوله:" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ"، رواه الترمذى.
(3) تخليص الغارم من هم الدَّين
فالغارم هو المدين في غير معصية، سواء أكان ذلك الدَّين لمصلحة نفسه أو لإصلاح ذات البين، وللغارم سهم من حصيلة الزكاة وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة:60).
ولما كان الدَّين – كما ورد في الأثر- هم بالليل ومذلة بالنهار، فقد أمرنا رسول الله r أن نستعيذ بالله منه صباحاً ومساءً فى قوله :r "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدَّين، وغلبة الرجال"، رواه البخارى. ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى خطورة الدَّين على سلوك المدين إذ قد يدفعه الدين إلى الكذب أو الإعتداء على أموال الغير بالسرقة أو نحو ذلك.
والزكاة تُسهم في تخليص هذا المدين من هم الدَّين، ومن آثار هذا الهم، من خلال تخصيص سهم من حصيلة الزكاة للغارمين.
(4) ضمان الحياة الكريمة للمسلم المسافر
فابن السبيل هو من فقد أو نفد ماله في أثناء سفره في غير معصية، وهذا له سهم من حصيلة الزكاة، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى:" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" ( التوبة:60).
حيث يأخذ ابن السبيل من الزكاة ما يُعينه على العودة إلى بلده حتى وإن كان غنياً فى بلده وفي هذا العمل ضمان لحياة كريمة للمسلم المسافر فلا يضطر إلى مد يده للغير، كما أنه لا يضطر إلى العمل لدي الغير ليغطى نفقات عودته إلى بلده.
(5) الحفاظ على كرامة مستحقي الزكاة
فتحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية من مسئوليات ولي الأمر، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً" (التوبة: 103)، كما يقول: "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ" (الحج:41)، وفي ذلك حفظ لكرامة مستحقي الزكاة وعدم إحراجهم بأخذها مباشرة من الأغنياء، وحتى لو تم أخذها مباشرة من الأغنياء فهم مأمورون - أي الأغنياء – بالمحافظة على كرامة المستحقين وعدم المن والأذى، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ " (البقرة: 264).
ومما يؤكد على أن الهدف من الزكاة ليس اقتصادياً فقط هو أن إشباع حاجة الفقير الاقتصادية تتحقق حتى مع وجود المن والأذى إلا أن الإسلام يرفض ذلك، حيث يقول الحق تبارك وتعالى: " قُوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌ حَلِيمٌ" (البقرة : 263).
(6) المحافظة على شخصية وذاتية مستحقي الزكاة
فالزكاة تُشعر الفقير والمسكين بأن له قيمة في المجتمع المسلم وأن هذا المجتمع يقف إلى جانبه ويدعمه ويقدم له يد العون ويقيل عثرته، ولا يتركه فريسة للفقر والجوع والحرمان، وشدة الحاجة التي قد تدفعه إلى ارتكاب الجرائم.
ولما كانت الزكاة دواء لهذه الأمراض وكان الإسلام حريص على تخليص الأفراد والمجتمع من هذه الأمراض فقد جعل أمر تحصيلها وإنفاقها فى مصارفها الشرعية من مسئوليات الحاكم فالمسلم ليس حراً فى أن يدفع الزكاة أو لا يدفعها "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور"(الحج:41)، بل أجاز للحاكم توقيع غرامة مالية على مانعها، كما قال الرسولr: "من أعطاها مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإِنَّا آخذوها وشطر ماله، عزمةٌ من عزمات ربِّنا عزّوجلّ، ليس لآل محمَّدٍ منها شىءٌ "، رواه ابو داوود.
وقد وعى أبو بكر الصديق t ذلك، ولذا فقد أقسم بقوله: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة" كما قال: "والله لو منعونى عقال بعير كانو يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم عليه".
ويتضح مما سبق أن الإسلام لا يعالج الأمراض - ولاسيما ما يتعلق منها بالقلوب - بالخطب والكلمات وإنما يعالجها باستئصال جذورها واقتلاع أسبابها من خلال اعتبار الزكاة أحد أركان الإسلام وجعل أمر تحصيلها وإنفاقها من مسئوليات الدولة بل وتحديد مصارفها حتى تحقق الزكاة مقاصدها.


وصايا إلى المزكين
بعد أن تناولنا الجوانب المعنوية للزكاة، قد يكون من المناسب أن نشير إلى بعض الوصايا التى يجب أن يلتزم بها المزكى حتى يستطيع أن يحصد هذه الثمار، ولعل أهم هذه الوصايا ما يلى:
(1) الحرص على الإخلاص، فالمولى سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل إلا ماكان خاصاً له وابتغى به وجهه، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ"، (البينة:5). كما يقول الرسول r: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ"، رواه النسائى.
(2) تجنب المن والأذى وأساس ذلك قوله سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ" (البقرة : 264).
(3) الحرص على أن تكون الصدقة فى السر، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى: " إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )البقرة : (271.
والرسول r يقول:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ "وذكر منهم " وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"، (رواه البخارى).
ومع ذلك فإن كان فى الإظهار ترغيب للناس فى الاقتداء به فى إخراج الزكاة والصدقات فالإظهار أولى " إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" ) البقرة : (271.
(4) المسارعة إلى الصدقات وقت الصحة، فعن أبي هريرة قال: أتى رسول الله r رجل فقال: يا رسول الله r أي الصدقة أعظم فقال "أن تَصَدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان" رواه ابن حبان.
(5) الحرص على أن يكون مال المزكى حلالاً طيباً، وفى ذلك يقول الرسولr : "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها ما يربي أحدكم فلوه حتى يكون مثل الجبل" رواه البخارى.
(6) التعجيل فى إخراج الزكاة فالرسول يقول" :r ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته"، سنن البيهقى، حتى لا تتغير نفس المزكى مع التسويف فقد يؤثر عدم إخراجها.
(7) الأولى أن يكون دفع الزكاة لمستحقيها من الأقارب وذوى الأرحام، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:" يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة: 215)، وقد ورد فى الأثر: " الأقربون أولى بالمعروف " فالصدقة على الاقربون صدقة وقربة معاً.
(8) الحرص على إخراج الزكاة من أفضل الأموال ولا سيما إذا كانت عينية، والحذر من تعمد إخراجها من الخبيث، فالصدقة تقع في يد المولى عز وجل قبل أن تقع في يد الفقير، حيث يقول عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ"( البقرة : 267). قال ابن عباس: "أمرهم بالإنفاق من أطيب المال، وأجوده، وأنفسه، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه، وهو خبيثه، فإن الله طيب لا يقبل إلاَّ طيباً".
وقد جعل سبحانه وتعالى من إلإنفاق مما نحب شرطاً لنيل البر فقال عز وجل: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ"( آل عمران : 92).
"والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات"

No comments:

Post a Comment